أنتِ وزوجك, أنت وزوجتك, تنتظرون على أحر من الجمر ولادة طفلكم, اتفقتم على تسميته, وقمتم بشراء حاجيات الرضيع, تحلمون جميعاً كيف ستكون ملامحه. لأعمامه أم لأخواله؟ وقد تختلفون اختلافاً مفرحاً على طريقة تربيته, فرحتم كثيراً عندما سمعتم نبضات قلبه في المستشفى! أنت فرحت بقدوم من سيحمل اسمك, أنتِ تحلمين برؤية طفتلك بثوب زفافها, وبدأتم تنظرون إلى أحفادكم يلعبون حولكم.
أتت ساعة الولادة, و ذهبتِ لغرفة الولادة, و عانيتِ ما عانيتِ, و جربتِ ألماً يقال أنه يقتل الرجال طوال الشوارب, و عانيتِ ساعات وساعات, والألم وصل إلى أعلى مستوياته, ولكن الأمل بقدوم الطفل يخفف عنك كثيراً, فصرختِ: يا الهي هون علي ألمي!
وأنت أيها الرجل, تحوم حول غرفة الولادة, وقد تتصل بأمك أو أبيك أو قريب لك لكي تشرح له حالتك, ويقوم بتشجيعك وتهوين الأمر عليك, وساعتها تحس أنك الأكثر قلقاً على وجه الأرض, فزوجتك في غرفة الولادة, والطفل على وشك القدوم, ولكن الأمل بقدوم الطفل يجعلك تشعر بقشعريرة الفرح,فصرخت: إلهي هون علي أمري!
فرجت, وأتت الطفلة, ووضعوها على صدر أمها لكي تشم رائحتها, ورغم ما يغلف الطفلة من بقايا المشيمة ساعتها إلا أن الأم تشم أجمل وأطهر رائحة في الوجود, ومن اللحظة الأولى لرؤيتها نبتت في القلب أصدق وأقوى شجرة حب عرفها الكون, حب الأم, الأم متعبة ورأت الموت بطريقة مصغرة, ولكن أتت الطفلة, فرجت والحمد لله!
أُخبر الأب فسقطت الدموع من عينيه وسجد لله شكراً, أمسك الجوال ليخبر من هم أهل لهذا الخبر السعيد, يقسم أنه الأسعد في العالم بعد أن كان الأكثر قلقاً في العالم.
اجتمع الوالدان في الغرفة فرحين ومتعبين وطلبوا رؤية الطفلة من جديد فهم حتى الآن في سكرة الفرح بوصولها, انتظروا كثيراً, وتأخرت الممرضة وهي تبحث عن الطفلة! لقد خطفت الطفلة!!
رويداً رويداً زالت سكرة الفرح وحل محلها سكرة الفجيعة والحزن! الأم المكلومة دخلت في حالة هستيرية, والأب يحاول أن يتماسك ويحاول أن يستوعب فيرى أن الأمر حقيقة, فما خرج من صلبه قد سرق!
ألم الأم الذي خففه الأمل, أصبح ألماً تلفه فجيعة, وقلق الأب لأجل الولادة, أصبح قلقاً يغلفه الرعب.
الآلام يغلفها “الرعب", “الفجيعة" “والوساوس"
"فجيعة" على طفلة لم يتعد عمرها اليوم الواحد, أين ستذهب, وهل مازالت حية؟
"رعب" على يد من سرقت؟ وهل سوف أراها مرة أخرى؟
"وساوس" لمن ستكون, وأين ستكون وعلى أي دين ؟
وعندها تصرخ بعالي صوتك: إلهي موتها أرحم بكثير من أن تعيش بعيدة عني!
اخواني, ماسردته قبل قليل ليس من نسج الخيال, بل هي واقعة حصلت قبل أيام قليلة لعائلة خطفت طفلتهم الرضيعه في المستشفى العسكري, وحصلت قبلها بأسابيع أيضاً لعائلة أخرى خُطف طفلهم في الجوف!
ولست هنا بصدد النقاش عن الخطف ومن المسئول عن ذلك, فأمن وطني استنفر على كل الجبهات, وكبار المسئولين قريباً ان شاء الله سوف يحاسبون المقصر.
ولكن نحن هنا بصدد الإحساس بما يحسون, نعيش مأساتهم, وكيف لو كنا في مكانهم؟
إلهي,, يا من خلقت فينا الرحمة, ويا من زرعت فينا المحبة,,
يا من قلت وقولك الحق {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}الآية.القصص
أرجع أطفالهم إليهم سالمين, وقر أعينهم برجوع فلذات أكبادهم وأنزل عليهم الصبر والسكينة والطمأنينة فإننا نعلم بأن وعدك هو الحق. دمتم برحمة الله
وطني وحمداً لله أنك وطني