منتديات عشووق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات عشووق

منتديات عشووق
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رواية انثى العنكبوت_الجزء السادس

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
المبدع
المشرف العام على المنتدى
المشرف العام على المنتدى
المبدع


عدد الرسائل : 252
تاريخ التسجيل : 04/02/2008

رواية انثى العنكبوت_الجزء السادس Empty
مُساهمةموضوع: رواية انثى العنكبوت_الجزء السادس   رواية انثى العنكبوت_الجزء السادس Emptyالإثنين مارس 03, 2008 12:24 am



الجزء السادس


خطبت بدرية شقيقتي الأرملة أم الأطفال الخمسة... لم يكن في هذا الأمر ما يدهش أو يريب. فبدرية جميلة متألقة لا تبدو عليها سنها التي تربو على تسع وثلاثين سنة بل تبدو أقل من ذلك بكثير رغم جراحها وعذاباتها المتوالية ومشاكل أولادها التي لا تنتهي ... ليست المرة الأولى التي تخطب فيها شقيقتي بل كثير من المعارف تقدموا لخطبتها، فهي بالإضافة لجمالها وأدبها خلوقة وخجولة ترضى بالقليل وتقنع بأي شئ... لكن أبي رفضهم جميعا لا لعيب فيهم، لكن الأرملة والمطلقة في عرف أبي لا تتزوج مطلقا مرة أخري، بل تدفن مع أولادها حتى تموت... لكم شعرت بالمرارة والأسى وأنا أراها تذبل أمام عيني وأبي يخنق أحلامها ويغتال أي أمل لها في حياة سعيدة متكافئة.

همس لي شقيقي صالح وعيناه تتألقان من وراء زجاج نظارته:
- لقد حضر لي اليوم في المدرسة عبد الله شقيق أحمد زوج بدرية الراحل.
بذهول تساءلت:
- وماذا يريد؟

كنت اعرف تماما أنه لا أملاك لزوج شقيقتي الراحل لينازعها أشقاؤه عليها... أيضا هو لا يريد أطفال شقيقه ليربيهم، لأنه متزوج كما اعلم ولديه أطفال... إذن... تكلم شقيقي صالح:
- قد لا تصدقين ما أقول... لقد حضر ليخطب بدرية مني... أبلغني أن زوجته قد توفيت منذ شهور طويلة، ولن يجد أما لأطفاله خيراً من بدرية، أيضاً هو سيكون أباً وعماً لأطفالها في الوقت نفسه... ما رأيك؟
خفضت رأسي فتابع قائلاً:
- إنه أنسب رجل لها... فهو ليس عربيداً كشقيقه الراحل بل موظف بوظيفة مرموقة ورجل محترم ويقدر الحياة الزوجية... وبدرية لن تعيش طوال حياتها وحيدة...
قاطعته قائلة:
- وأبي...
تنهد وهو يقول:
- نعم إنه يعرف رأي أبي ففي الموضوع وأنه رفض زواجها أكثر من مرة لذلك لجأ لي في البداية لأمهد له الطريق فهو ليس كأي رجل يتقدم لبدرية إن له ظروفه الخاصة... ما رأيك؟

كادت الابتسامة الساخرة تشق طريقها إلى وجهي لولا أني خفت أن أجرحه وأعذبه باختيار أبي لحياته فكيف بمن لم يستطيع الصمود في وجه أبي حين اختار له مصيره وفرض عليه زوجته بالقوة، أن يقنعه بزواج بدرية مرة أخرى... إن الرجل موقف، ومن لم يستطع الصمود مرة لن يستطيعه أبداً. هل بإمكانك يا صالح الوقوف أمام أبي وإعلانه رأيك بكل صراحة في زواج بدرية أم أنك ستخنع وتخضع أمام نظراته اللاهبة وقبضته الأسطورية فتتراجع حينها وتنسي كل شئ حتى نفسك؟ إن حياتك التي صنعتها لك أبي تبدو كالثوب الواسع الفضفاض الذي لا يليق بك فلا هو ضاق ليحتويك ولا أنت تمددت ليتواءم معك فعشت كالضائع الحائر في حياة ليست لك ولست لها... كنت تريد أن تعمل طياراً فاختار لك المهنة الأسلم التدريس، كنت تريد سلمى ابنة الحيران الحلوة التي أحببتها بمجامع قلبك كزوجة لك، لكن أبي اختار لك هدى ابنة عمك الصامتة الكئيبة، فتزوجتها رغماً عنك وعشت معها وحب الأخرى يحول بينكما... وأنجبت منها وما زلت. ومضيت في حياة بلا طعم ولا زوج لمجرد رضا الأب الذي لا يرضي ولن يرضي... أخي الحبيب إذا استطعت أن تغير حياتك ولو بمقدار ذرة فتقدم بشجاعة لتدافع عن حق بدرية في الزواج والحياة مرة أخرى... أعلم حزنك الدامي، أعلم انكسارات قلبك الخفية، أعلم صراعاتك الداخلية ، أفهم مشاعرك تماماً لكن عفواً أخي، فلن تستطيع حيال بدرية شيئاً... أتذكر ليلة زواج سلمى حبيبتك السابقة بعد زواجك بشهور ... أتذكر دموعك التي مزقتك قبل أن تهطل على خديك بغزارة... هل تذكر تلك الليلة الكئيبة التي قضيتها في حجرتي باكياً منتحباً تنقلب على جمر لا ينطفئ أبداً... ثم أردت تسمية طفلتك الأولى باسمها، فرفض أبي وأسماها هو على اسم أمه... ثم عندما طلقت سلمى من زوجها بعد أن عجزت عن التواؤم معه ربما لحبها الكبير الذي عجزت أن تنساه، ناقشت أبي في الزواج للمرة الثانية منها فرفض أ[ي وشتمك ثم طردك من البيت لتأتي في الغداة تقبل رأسه وتطلب منه السماح رغم أن كل شئ من حقك ولست مطالباً بالرضوخ لأي كان ولو لأبيك... لكنك رضخت وأحنيت رأسك للعاصفة مرات ومرات حتى أضحي انحناؤك عادة ورضوخك واجباً وصمتك دائماً فتلاشت شخصيتك حتى اختفت ... فكيف يا أخي الحبيب ستطلب من أبي أن يوافق على زواج بدرية وهو الرافض له دوماً... وممن ... منك أنت العاجز حتى عن المطالبة بحقوقك... العاجز عن النطق... العاجز حتى عن البكاء قهراً وألماً... دعك من هذا أخي ودع بدرية تواجه مصيرها بمفردها، فأن شاءت صمتت وتركته يخطط لها مصيرها كما أراد ويريد دائماً...

أفقت على صوت شقيقي يسألني:
- أحلام ... لم تردي ... ما رأيك؟
نظرت إليه بإشفاق وأنا أهمس:
- رأيي أن تبتعد أنت ولا تتدخل... دعه هو يطلبها رسمياً من أبي ويقنعه بظروفه لو شاء...

زوبعة كبيرة كادت تطيح برؤوسنا جميعا حينما تقدم عبد الله رسميا للزواج من بدرية... صرخ أبي وشتم ثم هدد وتوعد ثم هدأ قليلاً، فأرسل في طلب بدرية... جاءت المسكينة ترتعش من رأسها حتى أخمص قدميها... سألتها قبل أن يراها أبي:
- هل تعرفين أن عبد الله شقيق زوجك المرحوم أحمد قد تقدم لخطبتك؟
فتحت عينيها بدهشة حقيقة ثم تألق وجهها بسرور لم تستطع إخفاءه... أشفقت عليها من قسوة الأب ومرارة الأيام... سألتها بحنان عجزت عن إخفائه:
- هل ستقبلين به يا بدرية؟
أشاحت بوجهها خجلاً ثم رفعت شعرها إلى الوراء بحركة لا شعورية... ابتسمت ثم أجابت بخفر لا يتناسب مع وضعها كأرملة وأم لعدد من الأطفال...
- الرأي لأبي فإن وافق فأنا موافقة...
ويحي...إنها تريد الزواج... إنها ترغب في حياة جديدة تذوق فيها طعم السعادة المفقودة ... تود أن تحس ولو لأيام بأنها أنثى لها رجل مثل بقية النساء لا آلة تعمل بالضخ تطبخ وتغسل وتربي وتنام على دموع تبلل وسادتها كل ليلة... أبي لا تحطم أحلامها... أبي أتوسل إليك أن تراعي الله في حقها بالحياة كبقية البشر... أبي يكفيك جرائمك الماضية فلا تضف لها جريمة بشعة كهذه، أن تذبح روحها التواقة للسعادة والحياة، أبي أبتهل إليك أن تمنحها فرصة جديدة هي تواقة إليها... فرصة تثبت لك فيها جدارتها بالحياة خارج أسوار الألم ولو لسنوات... فرصة تحلم فيها أنها امرأة كأية امرأة أخرى من حقها أن يكون لها مشاعر وأحاسيس وظل رجل تتكئ عليه في عراكها مع الحياة لا كأنثي العنكبوت هي وصغارها والعالم... أبي أعطيها الحلم ... الحلم فقط... وصدقني فلن تخسر شيئاً، بل على العكس ربما يكون ما تفعله تكفيراً عن السنوات التي دفنتها فيها حية في قبر هو بيتها الصغير ودوداً ينهشها همّ أطفالها وطلباتهم التي تنتهي ولن تنتهي... أبي ارحم شبابها وضعفها وامنحها حلما لن تندم عليه... لن تندم عليه أبداً.

ابتلعت لساني خوفاً واستسلاماً ولم أنطق بحرف واحد حينما طلب أبي من بدرية الذهاب إليه في المكتب...

مضت نصف ساعة وضعت يدي فيها على قلبي حتى خرجت بدرية... بدرية التي دخلت غير تلك التي خرجت... دخلت وعاصفة من المشاعر السعيدة تصطخب في أعماقها... دخلت والأمل يخالط بريق عينيها والحلم يلون خطواتها الراقصة بألوان المستقبل، وآمال لا يحدها المستحيل... بيد أنها تبدلت خلال نصف ساعة فقط لا غير ... خرجت وقد كبرت عشرة أعوام على الأقل ... بادية الشحوب والاضطراب... اختفى من عينيها البريق ومعه الأمل، وبقيت نظراتها منطفئة كامدة كعيني لعبة في محل ألعاب خاسر... لا روح ... لا وجود... لقد حطمها أبي...

أسرعت إليها لأضمها إلي صدري... بادرتني قائلة وشفتها السفلي ترتجف بشدة:
- لقد رفض أبي... رفض أبي زواجي...
انقبض قلبي وأنا أسألها بهمس:
- وهل سترضخين له... هل سترفضين الزواج من عبد الله؟
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تحاول منعها بقوة جبارة كيلا تبدو ضعيفة أمامي ثم قالت بصوت متهدج:
- أنني أم يا أحلام وأولادي لهم الأولوية في حياتي دائماً وهم رسالتي الأولى والأخيرة فلن أتخلى عنهم من أجل أي رجل كان.
قاطعتها مشفقة:
- إنه ليس أي رجل... إنه عمهم وسيرعاهم كأبيهم الراحل تماماً فلن تتخلي عنهم مطلقاً... أهذا رأيك حقا يا بدرية أم هو رأي أبي؟

أجهشت بدرية بالبكاء رغماً عنها فأخذتها بين ذراعي وأنا أشاركها البكاء بمرارة... إنه ليس ظلماً فقط يا أبي... كلا ... بل أفظع ... إنه إعدام حلم... قتل حياة... بعثرة وجدان وسحق كرامة... امتلأت رغماً عني رغبة في التحدي والجموح... إنها معركة وجود أو عدم وجود... انتصار للإنسانية قبل أي شئ ... همست لها برقة:
- بدرية إذا أردت رأيي الحقيقي فيجب أن تصمدي وتحاربي للنهاية، فهذا الأمر ليس جريمة أو عيباً نحاول إخفاءه... إنه حق ولن يضيع حق وراءه مطالب...
تنهدت بدرية وصدرها يضج بالنحيب المكتوم:
- أنا لا أريد شيئاً يا أحلام غير أولادي والصحة والستر فإذا رفض والدي أي شئ فلن أجرؤ على معارضته لأن الأمر برمته لا يستحق...
هتفت حانقة:
- بلى يستحق...و يستحق... ويستحق...
ثم نهضت واقفة وأنا أقول:
- أنا سأناقشه في هذا الأمر.
قبل أن تمتد يد بدرية لمنعي من الذهاب... سمعت صوت أبي الجمهوري وهو يقول:
- في أي شئ ستناقشينني يا أحلام؟
فتحت فاهي لأتكلم... لكنني عجزت عن النطق... كرهت ضعفي وخنوعي... حاولت استجماع شتات نفسي وأنا أقول:
- أبي .. إن من حق بدرية أن تتزوج ... لتجد رجلاً إلي جوارها يساعدها في الحياة ويساندها... ويربي أطفالها... ثم إنه عم أطفالها وليش غريباً...
بدأ أبي متمالكاً نفسه وهو يقول:
- إن الأرملة تبقى لتربي أطفالها بعد وفاة زوجها وتكرس حياتها لهم...
صرخت بحدة وقد تخلى عنى حذري:
- لكن هذا ظلم يا أبي... إنك تدفنها وهي على قيد الحياة...
ثم أحسست بصفعة قوية على صدغي أطاشت صوابي... وصفعة أخري وأخري سقطت على أثرها غير قادرة على الكلام ولا الصراخ ولا حتى البكاء...



وللقصة بقية:

ومر شهر على قراءة القصة وطفح الكيل Very Happy
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ashoog.yoo7.com
عزوووف
مشرف القسم الاسلامي
مشرف القسم الاسلامي
عزوووف


عدد الرسائل : 714
تاريخ التسجيل : 20/02/2008

رواية انثى العنكبوت_الجزء السادس Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية انثى العنكبوت_الجزء السادس   رواية انثى العنكبوت_الجزء السادس Emptyالأحد مارس 23, 2008 1:44 pm

رواية انثى العنكبوت_الجزء السادس M5zzn-696ebc43ef
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رواية انثى العنكبوت_الجزء السادس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات عشووق :: قسم القصص والرويات-
انتقل الى: